الاثنين، 21 سبتمبر 2015

شارع عقبة بوشر/العامرات ،، محافظة مسقط 20/9/2015

«عقبة الرادارات»

هـدى حـمـد – 

أقلُ ما يُمكن أن يُقال عن «عقبة» العامرات، أنّها اسم على مُسمى، فهي عقبة حقيقية تقفُ حجر عثرة أمام المواطن الذي تُجبره الحياة على أن يختصر مشقة الطريق إلى شؤونه الحياتية.وقد زادت (الطين بلّة) في الآونة الأخيرة، عندما تمّ وضع أجهزة ضبط السرعة، أحدها يمكثُ مُتربصا بك في أعلى ارتفاع منها، والآخر ينتظرك على «النزلة» الحادّة، يقظ العينين لاصطيادك في أي لحظة.تقول النوايا الطيبة: مادمت تثق بنفسك وبسرعتك القانونية، فلماذا تكترث بهذه «الرادارات» التي لم توضع إلا من أجلك؟ ونقول: هذا الكلام يمكن أن ينطبق على أي مكان وأي شارع مستوٍ، ولكنه لا يمكن أن ينطبق على «عقبة» يتجشم مرتادوها يوميا كل تلك الانحناءات الصعبة.بات الأمر مزعجا جدا، ليس لأن المواطن يُريدها أن تكون «سايبة»، وليس لأنّه راغب في تجاوز القوانين أو الاستهتار بها، ولكن لنا أن نتصور ما قد تفعله المكابح المضغوطة في الارتفاع الشاهق أو في ذاك الانخفاض المنزلق! فحتى لو كنت كفرد تقود سيارتك (بأمان الله) فكيف يُمكنك أن تتجنب سيارة تضغط على مكابحها بقوة لتنجو من ضوء (الرادار)؟يُمكن لمكابح سيارة واحدة فوق (العقبة) أن تودي بعدد هائل من السيارات، فوضعُ السيارات فوق العقبة، يختلف كثيرا عن وضعها على شارع مستقيم، ومن جهة أخرى كيف تحدد السرعة بـ(40) في ذلك المنزلق المنحدر..الأمر يتطلب المزيد من السيطرة، المزيد من الضغط على المكابح، المزيد من الأعطال والتصليح، وربما المزيد من حوادث الاصطدام (لا قدر الله)!لطالما ظن الناس خيرا بهذه العقبة (المُنقذة) المُختصرة للمسافات الصعبة والطبيعة القاسية، بل إنّ هذا الشارع أغرى الكثير من العوائل بالهجرة للسكن في العامرات وشراء الأراضي، مما أدى إلى كثافة سكانية كبيرة في حيز زمني قصير، ولكن ما لبث كُثر منهم أن أصيبوا بخيبة الأمل والإحباط!وربما بسبب «العقبة» أو لأسباب أخرى، بقيت العامرات بالرغم من قربها من ولاية بوشر وانتمائها لمحافظة مسقط وقربها من الشارع السريع، بقيت خارج ما يُمكن أن تتحلى به المدينة من استثمار جاد، وخدمات ذات طابع مدني على الرغم من الكثافة السكانية المتدفقة إليها.العقبة المُنقذة.. تُغلقُ وقت الأزمات، والوقت الذي يُصبح الناس في أمس الحاجة إليها. الأمر الذي يُشعرنا كأن العالم لا يُمطر مثلنا، وكأن العالم لا يملك جغرافيا وتضاريس صعبة ليبني شوارعه فوق جبالها الشاهقة، وكأن مهندسي الرومان القدماء لم يقدموا على بناء أعقد شبكة أنفاق في العالم القديم؟بالتأكيد نحن لا ننكر قسوة الطبيعة العُمانية، كما لا ننكر التطور الجيد الذي تمر به شبكة الطرق في عُمان، ولكن يبقى السؤال قائما ومُلحا؟ فمنذ قرون بعيدة وهندسة الأنفاق رائجة في العالم، ولكنها لا تزال مُستبعدة من التخطيط العُماني ولا ندري الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟البعض يُرجعُ السبب للتكلفة العالية التي سيلتهمها مشروع كهذا، والبعض الآخر يتملقُ علينا بمقولات فضفاضة حول تنشيط السياحة والنظر إلى عُمان من تلك المنطقة المرتفعة، رغم أنّ تلك الإطلالة الساحرة فوق العقبة غير مهيأة أصلا بمواقف وحواجز، وتخلق هي الأخرى في الأجواء الجميلة فرصا لاختناقات مرورية إضافية!ولعلنا نتساءل أيضا: عن تلك الحاجة المُلحة والدائمة لصيانة الجبال المتاخمة لـ«العقبة»، ترى كم تستهلك من موازنات الحكومة؟ فلا يبدو أن هذا العمل سينتهي، وما دامت هنالك أمطار ستبقى الصيانة قائمة على هذه الحال!ظاهرة «النينو» بشرتنا بهطول أمطار متفاوتة الغزارة خلال شهريّ أكتوبر ونوفمبر، ممهدة لدخول فصل الشتاء، فما هي الاحترازات والاستعدادات المُعدّة لذلك؟ في وقت بات الواحد فينا غير قادر على الفرح بتحسن الطقس وهطول زخات من المطر، تحسبا لضرائب أخرى بالتأكيد سيدفعها من وقته وجهده ومن جيب الحكومة أيضا!وأمام سيناريو أعمال الصيانة التي لا تنتهي منذ افتتاح «العقبة» عام 2010، وأمام مشهد العمال المُعلقون يوميا فوق تلك الجبال في محاولة تجميدها لكي لا تسقط فوق الرؤوس، (وفوق هذا وذاك) لا تزال الناس تُكابد التحويلات والزحام يوميا، ومن ثم تأتي (الرادارات) لتُغلق عنق الزجاجة، وتفتح مسلسلا جديدا من الاختناقات المرورية خصوصا في وقت الذروة.. فما المطلوب من مرتادي العقبة بالضبط؟

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

في ضيافة الجن - الجزء السادس

الجزء السادس


رفع خالد رأسه ليلاحظ نظرات قاسية موجهه إليه من كل من في المجلس و لاحظ أن "طارخ" يغلي غضبا لكنه أطمأن حين سمع ضحكة الشيخ و هو يقول: ذلك الذي رأيته ليس مجنونا يا خالد, لو عرفت من هو لتعجبت!!!
انه أبن ملك القبيلة الأخرى أسرناه بعد المعركة و قد حاول الهجوم عليك لأنك السبب فيما هو فيه...

قال خالد: لكن شكله كالبشر و لو ظهر لي بشكله الحقيقي ربما مت رعبا...
ابتسم الشيخ و هو يجيب: ليس ذلك باختياره إلا لفعلها لكنه مجبر على ذلك فهو أسيرنا, و ما رأيته سلسلة في قدمه ليس كذلك في حقيقة الأمر لكنه جهاز تعذيب و تحكم نحول شكله كيف نشاء و نتركه عليه, عندنا يا خالد من العلم ما لم تصلوا إليه انتم بنو البشر...

سأل خالد: و الشاة المربوطة بقدمه الأخرى...
الشيخ: تلك كانت دابته!!!

قال خالد بجدية: إذا هو أبن الملك و أنتم أسرتموه!! ألا يعني هذا أنهم سيهجمون عليكم باستماتة بغية تخليصه؟
الشيخ: بلا!!! و قد يهجمون في أي وقت...
خالد: إذا فكوا وثاقه و أكفوا القبيلة شر الحرب...
الشيخ: سبب احتفاظنا به يستحق المخاطرة...

خالد: لم أفهم يا شيخ!!
الشيخ: كما تعلم يا خالد فإن السحرة يستعينون بالجن أو بمردة الجن و الكفرة منهم و بالجن العاصي, و قبيلة الجن تلك هي خير معين للسحرة على أذية الأنس و لذلك ترى في القرى المجاورة لهذا الوادي الكثير من البشر بين من به مس من جن أو سحر قضى عليه أو عين أقعدته, و بعض البشر هداهم الله لا يذكرون اسمه في الخلاء و في دخولهم و خروجهم, فذكر الله خير يا خالد...
تابع الشيخ حديثه و خالد يستمع باهتمام: سنقايض أبن ملكهم بخروج أفراد قبيلتهم من الممسوسين و المسحورين و المجانين و تقريبا وفقنا في ذلك إضافة إلى أنهم قد طلبوا هدنة معنا رغم أننا نخشى الغدر منهم فليسوا بمسلمين حتى نعاهدهم على اسم الله لا ينقضوه و من الممكن أن يهاجمونا في أي وقت...

سأل خالد بتعجب: هل من الممكن أن يهاجون الآن؟!!
الشيخ: نعم.. وما الذي سيمنعهم , فنحن على الأقل لم نوقع معهم الهدنة...
نظر خالد حوله و قال في توتر واضح و هو يمسك يد الطفلة بقوة: كل أهل القبيلة هنا, فمن سيحميها من الخارج؟!!

لم يجب الشيخ بل عدل من جلسته مبتسما ليتدخل شقيقه"هيدبا" قائلا: يا خالد!! هل ترى هذه الوجوه في هذا المجلس؟!!
تلفت خالد و جال ببصره من جديد محدقا في الوجوه و هو يقول: نعم أراها...
هيدبا: هل كانوا هنا حين دخلنا المجلس؟!!
خالد: نعم , كانوا معنا حين دخلنا المجلس..
هيدبا: لا يا خالد!! هؤلاء ليسوا هم, هؤلاء لم يدخلوا المجلس معنا, بل لم يكونوا معنا...

أستغرب خالد من هذه الكلمات قبل أن يكمل" هيدبا" كلامه قائلا: يا خالد!! سوى الملك و أنا و "زيزفونة" و "طارخ" لا أحد آخر من هؤلاء كان معنا حين دخلنا المجلس...
خالد: لا أحد؟ هل يعني أنني كنت أتوهم؟!
هيدبا: لا , لم تكن تتوهم لكن هذه ليست وجوهنا...و هذه ليست أشكالنا... من وقت إلى آخر يتغير الموجودون في المجلس فيخرج من في المجلس لمراقبة حدود القبيلة و يدخل من كان في الخارج

أستغرب خالد!! هل يعقل ذلك؟!!
نظر إلى الطفلة فاستقبلته بابتسامتها المعهودة قبل أن يدنيها منه و يتشبث بيدها أكثر...
فخالد لا يشعر بالأمان إلا في وجهها و وجه الشيخ ملك القبيلة و قليلا في وجه "هيدبا"

بدأت دقات قلب خالد تتسارع بعد ما سمع, لكن الشيخ تدخل في الحديث حين لاحظ أن خالد بدأ يتوتر...
قال الشيخ: لا تشغل نفسك بهذه الأمور و لا تستغرب من شيء فأنت ضيفنا و في حمايتنا
أرتاح خالد قليلا فسأل الشيخ عن أمر آخر محير فقال: 
خالد: أيها الملك أردت أن أسال عن أمر...
الشيخ: تفضل يا خالد...
خالد: ما قصة ذلك الكائن الذي تكلم معي و أراد أن يريني صورته الحقيقية قبل أن تقتله "زيزفونة"؟!!
الشيخ مبتسما: يا خالد" زيزفونة" لم تقتله لكنها عاقبته لأنه عصى أمرا واضحا بعدم التعرض لك من ...
تابع الشيخ كلامه قائلا: هو واحد منا لكنه من الذين تنقصهم القدرة على التشكل جيدا و قد أزعجه أن يتشبه بالبشر لذلك سألك أن تطلب منه ذلك فيكون بعيدا عن العقاب بدعوى أنك طلبت ذلك غير أنه تعجل في ذلك و بدأ في أظهار شكله الحقيقي و حين حضرت "زيزفونة" وقع في حيرة من أمره فأمهلته "زيزفونة" ليعود ويتشكل إلى أي صورة لا تخيفك لكنه بدا عاجزا عن ذلك و كل ما يحاول التشبه به يكون مسخا ناقصا يزيدك رعبا ثم كان لابد من أن يغادر المكان و يعاقب على عصيانه الأوامر فكانت ضربة" زيزفونة" كعقاب له ثم غاب في باطن الأرض و تلاشى مختفيا عن ناظريك فقط...

في هذه الأثناء تنحنح"هيدبا" فجذبت "زيزفونة" خالد من كتفه تريد أن تسر إليه بأمر...
انحنى خالد بأذنه إليها فقالت هامسة: كم عمرك يا خالد؟!!

استغرب خالد من سؤالها و قبل أن يجيب لاحظ أن"طارخ" قام من مجلسه و جلس أمام ملك الجن و والده"هيدبا"...
كان يبدو أنهم يتهامسون... شد ذلك انتباه خالد فعاد ينظر إليهم قبل أن يرمقه"طارخ" بنظرة صارمة...

عادت زيزفونة تشد خالد من كتفه فعلم أن هناك أمر لا يودون له أن يعرفه, ما يطمئن قلب خالد هو أن "زيزفونة" بجواره فأقلها لن تسمح لهم بأذيته و هي أبنه الملك إذا ستشفع له عند والدها في أسوأ الحالات خاصة أنه لم يتعرض لهم بسوء...

أجاب خالد على سؤال زيزفونة قائلا: 23 سنة يا "زيزفونة"
أجابت زيزفونة: هذا يعني أنني أصغر منك؟
همسهم زاد مما أشعر خالد بعدم الارتياح لكنه أجاب على كلمات "زيزفونة" على مضض و هو يقول: صحيح يا زيزفونة, هذا يعني أنك أصغر مني...

همت زيزفونة بالحديث لكنها صمتت فجأة لأن خالد و لكي يشعر بأكبر قدر من الأمان و ليشعر القبيلة بأنه يحب "الطفلة" ابنة ملكهم
فقد مال على زيزفونة و حملها و أجلسها في حضنه و أخذ يقبلها و هو يقول بصوت مرتفع قليلا: نعم أنتي أجمل طفلة و ابنة أفضل ملك لأفضل قبيلة...

وقف "طارخ" و قد أنهى حديثه مع والده و مع الملك ليقول بصوت عصبي و عالي و شديد اللهجة: يااااااااااا خاااااااااااااالد!!!
أرتعب خالد و قامت "زيزفونة" من حضنه و ارتمت في حضن والدها و هي تطلق زمجرة عالية مظهرة مخالب غريبة في أصابع يديها...

انزوت "زيزفونة" في حضن والدها و كأنها تهرب من نظرات خالد أن تقع عليها و هي بهذا الشكل...
ابتسم الملك في هيبة ليتدارك "طارخ" الموقف و سبب عصبيته فقال: حياك الله ضيفا عندنا ثم خرج "طارخ" من المجلس غاضبا...
عادت زيزفونة و جلست بين خالد و بين والدها...
أستغرب خالد من هذا الترحيب الغريب رغم يقينه بأن "طارخ" أراد أن يقول شيئا آخر غير الترحيب به...
الأمر الوحيد الذي خفف وطأة ألأمر على خالد هي ثقته "بزيزفونة" و بابتسامة الملك...

ما زال خالد يرى بعض نظرات الاستهجان في أعين الحاضرين من الجن المتشكلين لكنه يجهل معناها أو سببها...
أحيانا يشعر أن أصحاب تلك الأعين تتمنى الفتك به لكن سرعان ما يرى نظرات حميمية و في نفس الأعين...

ربط خالد بين اختلاف النظرات بأمر مثير و عجيب جدا...
ما كان يحول تلك النظرات من الحنق و الغضب إلى الود و القبول هي نظرات صارمة تقابلهم من عيني الطفلة"زيزفونة"!!!
عرف أن "لزيزفونة" قوة على باقي الجن لا يستهان بها...
إلا "طارخ" فيبدوا أنها تحسب له حساب, لأنه حين نطق اسم خالد بصرامة ارتمت في حضن والدها الذي بدوره ابتسم و تلك الابتسامة أخمدت غضب طارخ مهما كان سببه و جعلته يغير ما كان ينوي قوله إلى الترحيب بخالد...
لكن بقي أمر واحد محير!!! ما سبب تلك النظرات؟!!

بينما كان خالد في عمق تفكيره, دلف "طارخ" إلى الغرفة قائلا:
حياك الله يا خالد على مأدبة شيخ القبيلة و حياك الله في ضيافة الجن...
سكت برهة ثم تابع موجها كلامه إلى خالد و إلى الحضور: حياكم الله جميعا على العشاء في الغرفة الأخرى تفضلوا...

هنا و على مأدبة العشاء كان خالد على موعد مع فصول أخرى من الأحداث الغريبة في عالم أقل ما يقال عنه أنه مختلف...

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

كونوا مهتمين لبعضكم

نظر الفأر من خلال شق فى الحائط ليراقب الفلاح وزوجته وهما يفضان لفافة ، وراح يمنى نفسه " ترى ما نوع الطعام التى تحتويه هذه اللفة ؟ " . ولكنه تعجب مرتعباً عندما اكتشف أنها عبارة عن مصيدة للفئران .

فانسحب بسرعة إلى فناء مزرعة الفلاح ، وراح يعلن تحذيره بصوت عالي " قد صارت هناك مصيدة فئران فى منزل الفلاح ! " راحت الدجاجة تنبش الأرض وتقرق بصوتها ، ثم رفعت رأسها وقالت " يا سيد فأر ، أستطيع ان أقول أن هذا الخبر يحمل الموت لك أنت ، ولكن هذا لا يؤثر علىَّ فى شئ .وأنا لا أنزعج منه على الإطلاق " .

ترك الفأر الدجاجة وذهب للخروف وقال " هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح ، مرددا بنغمة أن هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح " . تعاطف الخروف مع الفأر ولكنه قال " يا سيد فأر ، أنا ليس أمامى شيئاً أقدر أن أفعله لك ، ولكننى سأذكرك فى صلواتى . "

ذهب الفأر إلى البقرة وقال منغماً " هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح ، هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح " . فقالت البقرة " واو يا سيد فأر ، أننى آسفة من أجلك ، و لكن هذا لن يحرك ساكنا فوق أنفى " .

وهكذا عاد الفأر إلى المنزل ، وجلس مكتئباً ، كى يواجه خطر مصيدة الفلاح منفرداً . فى نفس هذه الليلة سمع صوت عبر أرجاء المنزل ، و قد كان صوت انقباض مصيدة الفئران على ضحيتها . فاندفعت زوجة الفلاح لترى الصيد ، ولكنها فى الظلام لم تر الصيد و قد كان عبارة عن حية سامة اطبقت المصيدة على ذيلها . لدغت الحية السامة زوجة الفلاح . فأسرع بها زوجها الى المستشفى ، وعندما عادت الى المنزل كانت قد اصيبت بحمى شديدة احتاجت فيها إلى الراحة التامة و الغذاء , لذا قد قام زوجها بذبح الدجاجة لتكون طعاماً لها في مرضها . ولكن مرض زوجة الفلاح استمر لفترة ، وهكذا توافد الأصدقاء والجيران للسؤال عنها وليساندوا الفلاح طوال تلك الأيام . ولكى ما يطعمهم الفلاح ذبح الخروف .

و لكن للأسف لم تتماثل زوجة الفلاح للشفاء ، وفى النهاية توفت . وهكذا حضر كثير من الناس والأقارب إلى جنازتها ، واضطر الفلاح هذه المرة إلى ذبح البقرة ليجد لحماً يكفى كل هؤلاء الوافدين . كل هذا و الفأر يراقب كل م ا يحدث بحزن من داخل جحره .

كم مرة يا أحبائي عرفنا أن شخصاً ما يواجه مشاكل ، وظننا أنها لن تؤثر فينا ولا تعنيينا فى شئ !! كم مرة طلب أحدهم منا المساعدة و ما كان منا سوى التواني و الإهمال فقط لأن ما ألم به لا يهدد أمننا و حياتنا في شئ !!

ليتنا ندرك جميعا أننا نشترك فى رحلة واحدة هى رحلة الحياة و أن كل من صادفني في حياتي و طلب مني العون هو الحياة بعينها ..  حتى و إن كان مختلفاً عني ..
فكونوا مهتمين بعضكم لبعض اهتماما واحداً



أعجبتني♡

الأحد، 6 سبتمبر 2015

في ضيافة الجن - الجزء الخامس

أنطلق خالد معهم و خلفه باقي أفراد قبيلة الجن...
شعر بهم يحتفون به و ستقبلونه استقبال الأبطال...
حين يلتفت حوله يراهم يزدادون عددا...
الذين يستطيعون التشكل بأشكال قريبة من أشكال البشر هم القريبون منه أما اللذين تنقصهم الخبرة و المهارة فهم في الصفوف الخلفية...
و يستطيع أيضا أن يرى بعض الأشكال المرعبة و الأعين المتوهجة لكنه و بعد طمأنة ملك القبيلة له وجد نفسه أكثر ثقة...

ساروا جميعا و هو ممسك بيد الطفلة حتى إذا وصلوا إلى جبل عظيم التفوا حوله ليراه خالد من الجهة الأخرى قصرا منيفا...
رحبوا بخالد كثيرا و أجلسوه في صدر المجلس عن يسار ملك القبيلة, جوار خالد جلست الطفلة و كان على يسار الشيخ شقيقه "هيدبا" و يليه "طارخ"...
مجلس كبير امتلأ بالجن المتشكلين على هيئات بشر
أما المجلس المقابل فقد جلس فيه أنصاف البشر!!

دارت أقداح القهوة على الحضور, تذوقها خالد ليجدها من ألذ ما ذاقه يوما...
دار الحديث بين خالد و ملك الجن و "هيدبا" .. أحيانا يتدخل الفتى "طارخ" فبدا ذا عقل راجح يسبق سنه بكثير عكس ما توقع خالد...

قال الشيخ: يا خالد!! سأخبرك الآن سبب استضافتنا لك و استقبالك في عالمنا...
نحن يا خالد من قبائل الجن المسلمة و هناك حرب دائرة بيننا و بين قبيلة أخرى من الجن و هذه القبيلة لا تدين بالإسلام, فهم من عبدة النار و قد جعلنا بيننا و بينهم منطقة عازلة و حدودا يراقبها مجموعة من خيرة شباب القبيلة و في مقدمتهم قائدهم "طارخ"...
في بعض الأحيان تغير علينا تلك القبيلة فيتصدى لها "طارخ" و الذين معه حتى يلتحق بهم باقي أفراد القبيلة...
و بين حدود قبيلتنا و حدود القبيلة الأخرى هناك منطقة عازلة نستطيع بلوغها لكن بحذر !! فهم لا يؤمن جانبهم...

في تلك الليلة ابتعدت ابنتي"زيزفزنة" كثيرا عن حدود قبيلتنا...
و المشكلة أن عينا من تلك القبيلة رصدت تحركاتها فأوصلت الخبر إلى ملك تلك القبيلة لينطلق في إثرها و معه الكثير من أتباعه ناو اختطافها...
و من فضل الله استشعرت "زيزفونة" الخطر و حاولت العودة قبل أن يظفروا بها...

طارت "زيزفونة" في محاولة منها الوصول إلى حدود القبيلة حيث يستطيع "طارخ" حمايتها!!!

نظر خالد إلى الطفلة" زيزفونة" قبل أن ينقل بصره إلى الشيخ و هو يسأل بدهشة: و هل تطير "زيزفونة"؟
أجاب الشيخ بابتسامة: نعم يا خالد, منا نحن معشر الجن من يطير و منا من يمشي و هناك أيضا من يعيش في الماء كالسمك...
نظر خالد إلى طارخ و هو يسأل: و هل تطير أنت يا "طارخ"؟
أجاب "طارخ": نعم يا خالد فأنا أيضا من عائلة الملوك و طبعا أفضل الجن هو الجن الطائر...

أعتدل خالد في جلسته و نظر إلى "زيزفونة" المبتسمة و هو يمسح على شعرها لتغمض عينيها في سكون آسر...
عاد الشيخ يتابع كلامه: حين طارت" زيزفونة" في محاولة منها النجاة أجبرتها أضواء سيارتك على أن تتشكل بسرعة إلى أي صورة فلم تجد إلا أن تتشكل بصورة طفلة حتى لا ترعبك...

و قد أدركوها على مشارف سيارتك حتى قبل أن نعلم بما يجري...
حين أوقفت سيارتك و حملت زيزفونة صار من الصعب عليهم الاقتراب أتدري لماذا؟
أجاب خالد باستغراب: لماذا؟!!
قال الشيخ: لأنك و قبل بداية رحلتك قرأت دعاء السفر فجعل الله لك حافظا من عنده يمنعهم عنك...


استرسل الشيخ في كلامه قائلا: وصلنا الخبر من طارخ بأن زيزفونة في يد إنسي مما جعلنا نغتم كثيرا فانطلق أهل القبيلة في إثرك لأننا خفنا أن يكون ساحرا من الأنس قد تمكن منها...
أول من وصل إليك كان"طارخ" ناويا الهجوم و القضاء عليك لكنك كنت في حفظ الله فوقف طارخ حائرا...
قرر أن يخلصها رغم أمكانية احتراقه للأبد و لأنك في حفظ الله ,فلن يستطيع أن يلمس منك شعرة , غير إن زيزفونة شرحت له الموقف بلغة لا تعيها أنت و أخبرته بأن الموت قادم و أبن ملك القبيلة الأخرى في إثرها...

أخذ"طارخ" "زيزفونة" منك و قد أدركهم فرسان القبيلة الأخرى في نفس المكان الذي كنت تقف فيه...
كانوا ينتظرون ابتعادك فقط فلن يستطيعوا العبور مادمت واقفا...
وحين اختفى "طارخ و زيزفونة" في الظلام شرعا أجنحتهما و طارا مبتعدين...
في هذه الأثناء كنت أنت ساكن تفكر مما منحهما الوقت الكافي للابتعاد عن الخطر, فتقابل طارخ مع باقي أفراد القبيلة و قد تجمعوا فأرسل "زيزفونة" مع أحدهم و عاد مع باقي الفرسان لصد الهجوم فوجدوك و قد أسندت رأسك بمقود سيارتك ساكنا...

قال خالد: نعم فقد كنت أفكر في "زيزفونة" و جمالها الطفولي و رائحتها العبقة, لأنني حين قبلتها.......
قاطعه الشيخ هازا رأسه و هو يقول: نعم.. بلغنا يا خالد أنك كنت تقبل زيزفونة في سيارتك... 
أجاب خالد باسما: لا بد انه "طارخ" أنت من أخبرهم يا طارخ أليس كذلك؟ 
أجاب "طارخ" بغلظة: نعم أنا من أخبرهم , هل هناك ما يمنع؟
لم يجب خالد بل اكتفى بالنظر إلى "زيزفونة" و هو يسأل باسما: تطيرين أيضا؟ و ماذا بعد؟
لم تجبه" زيزفونة" بل ابتسمت و هي تشيح بوجهها عنه بهدوء و خجل؟؟؟


قال خالد و هو موجها كلامه إلى الشيخ: و ماذا حدث بعد ذلك أيها الملك؟!!
قالت "زيزفونة" و هي تلكز خالد : أيها الملك؟ ثم ضحكت...
رد عليها خالد قائلا: حسبتك لا تحبين الكلام...
ضحك الملك و هو يقول: اللحظات التي كنت مسندا فيها رأسك بمقود السيارة كانت كانت كافية لفرساننا بأن يشكلوا صفوفهم و يقدروا عدد العدو و تشكيلاتهم و لم يكن سيتسنى لنا تجاوزك و معرفة وضعهم لولا أن كنا من المسلمين خاصة أننا لم نكن ننوي أذيتك فدعاء السفر الذي قرأته قبل أن تبدأ رحلتك لم يحمك بفضل الله من السوء فقط بل كان سلاح معنا و كأنك في صفوفنا...

صمت الشيخ قليلا قبل أن يقول: هل تذكر يا خالد تلك الحجارة التي انهمرت على سيارتك؟!!
اتسعت عينا خالد و هو ينتظر الإجابة فقد كان يظنها من أبناء البدو...

تابع الشيخ كلامه قائلا: لقد لاحظ أحد فرساننا أن في سيارتك الكثير من أشرطة الغناء و المعازف فخشينا أن تدير آلة التسجيل فينطلق منها صوت الموسيقى و كما تعلم فإن المعازف من المحرمات...
و لو حدث ذلك لكانت فرصة للقبيلة الأخرى بأن تؤذيك
فكيف ترجو الحفظ من الله و أنت تصدح بالأغاني و في قلب الظلام؟
وهذا يا خالد ما جعل فرساننا يرمون على سيارتك بعض الحجارة علك تنطلق مبتعدا في حفظ الله و هذا ما حدث بالفعل...
و بمجرد ابتعادك اندلعت حرب طاحنة كانت الغلبة فيها لنا و كان الفضل لله ثم لك بقراءة دعاء السفر و بذلك تكون قد ساعدتنا مرتين
مرة بإنقاذك "زيزفونة" و مرة بمنحنا فرصة معرفة تشكيلة العدو و معرفة عدته و عتاده...

قال خالد مبتسما: حماها الله من كل شر
نظر إليها فرآها تبتسم , انحنى خالد و طبع قبلة حانية على خد الطفلة ليطلق "طارخ" زمجرة خفيفة جعلت خالد ينظر إليه بتعجب و يرجع ليطبع قبلة ثانيه على خذ الطفلة الآخر قبل أن يستطرد موجها سؤاله إلى الشيخ: لكن ما قصة المجنون المربوط إلى الشجرة و الشاة المسلسلة إلى قدمه؟

رفع خالد رأسه ليلاحظ نظرات قاسية موجهه إليه من كل من في المجلس و لاحظ أن "طارخ" يغلي غضبا لكنه أطمأن حين سمع ضحكة الشيخ و هو يقول: ذلك الذي رأيته ليس مجنونا يا خالد, لو عرفت من هو لتعجبت!!! انه..............

دعونا نترك ذلك للجزء القادم...
ترى ما قصة ذلك الرجل؟
و لماذا غضب "طارخ"؟
و ما الذي فعله خالد ليستحق تلك النظرات؟

أفضل أن نترك معرفة ذلك في الجزء القادم...
انتظروا ضيافة الجن لنعرف ماذا سيحدث أيضا...

السبت، 5 سبتمبر 2015

في ضيافة الجن - الجزء الرابع

تكملة الجزء الرابع





لم يجب خالد على كلام الشيخ و الذي بدوره استرسل قائلاً: يا خالد!!! لا تقلق فلن يؤذيك أحد, نحن مثلك ندين بالإسلام و نعرف حرمة أذية المسلم...


قال خالد بوجل: من أنتم و ماذا تريدون مني...


أجاب الشيخ باسماً: نحن قوم من الجنوأنا ملك الجن في هذا الوادي و قد أمرت القبيلة بحسن استقبالك بعد ما فعلته لابنتي"زيزفونة" و أشار الشيخ إلى الطفلة...


نظر خالد إلى الطفلة و قد بدأ يزولما به من خوف فابتسمت له بوداعة...


نظر خالد إلى الشيخ و سأله بصوتٍ متهدج: هل تحلف بالله بأنكم لن تؤذوني؟!!


رَبْتَ الشيخ على رأس خالد فشعر بيده دافئة دفئ يسري إلى القلب سكينة و هدوء...


تنحنح الشيخ قبل أن يقول لخالد: لا تقلق فلنيعصي أمري احد من القبيلة...


تلفت خالد حوله فرأى الفتى واقفاً


أشار إليه وهو يسأل الشيخ: و هذا الفتى هل هو أبنك؟


أجاب الشيخ: لا إنه "طارخ" أبن أخي و هذا الذي بجواره والده, أخي " هيدبا"... 


قال خالد و قد أكتسب ثقة أكبر و مسح دموعه: لكن لماذا كانت الطفلة وحيدة هناك و كيف تغفلون عنها؟


قبل أن يجيب الشيخ تدخل الفتى"طارخ" قائلاً: أراك قد مسحت دموعك و صرت تتكلم بحرية و للتو كنت تبكي كالطفل الرضيع...


صمت خالد و هو يشعر أن الفتى"طارخ" يمقته و قد يضره


هنا تدخل "هيدبا" والد طارخ موجهاً كلامه إلى أبنه: ومن سمح لك بالكلام؟


أطرق الفتى برأسه إلى الأرض بطاعة في حين اقتربت الطفلة من خالد و أمسكت بيده تحثه على الوقوف...


قال ملك الجن بصوتٍ حنون: هيا يا خالد, قم بنا إلى قصري سأشرح لك كلشي قبل أن يحل الصباح فأنت الليلة في ضيافتنا...


وقف خالد و عن يمينه الطفلة" زيزفونة" و عن يساره ملك الجن و "طارخ" و "هيدبا"...


وقفوا مواجهين لأفراد قبيلة الجن قبل أن يقول ملكهم بصوت عالٍ:


مرحباً بك يا خالد في قرية الجن مرحباً بك خارج عالم البشر!!مرحباً بك...


أنت الآن في ضيافتنا, أنت الآن!!!!!!!!


"


في ضيافة الجن".!!!!

امتلأ الوادي بالترحيب و ضجت أركانه بالهتافات و الصيحات الغريبة...


أما خالد فقد تلفت ينظر إلى تلك الشخوص في الظلام ...


فلا يدري كيف ستكون الضيافة!!

في ضيافة الجن - الجزء الثالث

حين مر خالد بجوار الرجل وثبت الشاة مطلقة صوتا غريبا...
رفع الرجل رأسه لتلتقي نظراته بنظرات خالد...
هاج الرجل وصاح صيحة عظيمة و هو يندفع باتجاه خالد لكن السلسلة حالت دون وصوله إليه...

كان الرجل قريبا من خالد بحيث لفحت أنفاسه النتنة وجه خالد...
كان يطلق زمجرة غريبة و يتمتم بكلمات لا قبل لخالد بها...
هنا .. و هنا فقط سكن الرعب بين أوصاله فسرت في جسده قشعريرة كادت أن توقف قلبه...شعر أنه لا يقوى على الوقوف على قدميه...

تراجع خالد خطوات إلى الوراء ثم تلفت حوله في خوف...
رأى الفتى بعيدا ينظر إليه...
تحرك خائفا وجلا وانطلق في إثر الفتى و الذي بدوره اختفى بين المنازل...

في هذه اللحظة لمح خالد شخص يقترب منه ببطء...
ثبت خالد في مكانه و هو موقن أنه ليس بين بني البشر...
حركة الشخص الغريب تدل على أن هناك خطب ما...
شعر أن ما سيحدث أمر لن تحمد عقباه...
كان الشخص الغريب مخيف ففي خطواته...
يخطو خطوة ثم يقفز في الثانية و يرجع رأسه إلى الوراء بقوة... أوجس خالد منه خيفة و سلم أمره لله...

حين تبين خالد شكل الشخص الغريب صعق مما رأى...
رجل بلا ملامح!!! 
بل بلا وجه!!!
لا شيء سوى فتحات تقوم مقام الفم و العين أما الأخرى فممسوحة...
قطعتا لحم سوداء تتدلى من كتفيه بدلا من الذراعين...
ساقان قصيرتان متصلتان بقدمين مفتوحتين في الاتجاه الآخر...

أنحلت العقدة عن لسان خالد ليصيح بأعلى صوته"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"...
توقف الرجل أمام خالد مباشرة ...
تقلص حجم ما يفترض أن تكون عينه الوحيدة...
كشر عن فم لا أسنان فيه أطلاقا...
تمتم بكلمات غريبة و بصوت كالرعد يصم الآذان...

تحدث إلى خالد بغلظة وقال: لماذا تستعيذ بالله؟!!
هل رأيت شيطانا؟!!! 
لم يجبه خالد بل فتح عينيه على مصراعيها...
تابع الغريب كلامه قائلا: هل تظن أن أشكالكم أنتم بنو البشر تعجبنا؟!!
هل تعتقد بأن هذا التشكل القبيح يعجنا؟!! لقد أجبرنا من ملك القبيلة بأن نتشكل بهيئة البشر بسبب وجودك على أرضنا...

كان خالد يستمع وقد تجمدت أوصاله حتى عن الهرب...
يشعر ببرد يسري في أطرافه...
يقرأ في سره ما قد حفظه من كتاب الله...

لم ينتظر الغريب أي رد من خالد بل باغته بسؤال:
هل تريد أن ترى شكلي الحقيقي؟!!
قلها... ليس عليك سوى أن تطلب ذلك!!!
استرسل الغريب قائلا: لا داعي لأن تطلب سترى شكلي الحقيقي

بدأ الغريب في التشكل...
أول ما لحظه خالد كان تلك القطع اللحمية و هي تكتسب صلابة...
تمددت القطع اللحمية و اكتست بأجزاء مثل قشور السمك...
تلاشت القدمين ليسقط الغريب على ركبتيه ويتخذ وضعية السجود...
من منتصف ظهره برزت مجموعة عظمية متصالبة ذات رؤوس حادة...
تمتد الرؤوس الحادة لتغرس في جانبي الرقبة...
أنفتق رأس الغريب ليكشف عن رأس صغير جدا شبيه برؤوس الكلاب...

ترنح خالد في مكانه وسقط أرضا و هو يطلق صرخة عظيمة "يا الله"...
سمع خالد صوت من خلفه كصوت الريح و لاحظ أن الغريب قد جمد مكانه...
التفت خالد إلى الخلف برعب ليرى تلك الطفلة مقبلة إليه مهرولة...
لكنها في هذه المرة كانت أكبر من قبل...
فقد رآها بحدود السابعة أو الثامنة من عمرها...

تجاوزت الطفلة خالد و وقفت بينه و بين الغريب فكان العجب ما رآه خالد...
سنكمل ما تبقى في الجزء القادم بإذن الله

في ضيافة الجن - الجزء الثاني

ﻭﺻﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻭ ﺍﻧﺸﻐﻞ ﻣﻊ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺑﺪﺍ ﻟﻢ ﻳﻨﺴﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ... ﺧﻔﺘﻬﺎ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﺒﻘﻬﺎ ﻭ ﻏﻤﻮﺿﻬﺎ...ﺻﻮﺭﺗﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻮﺫ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ...ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ...ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ...ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻠﻪ...ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﻐﻮﻝ ﺍﻟﺒﺎﻝ... ﻻ‌ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﻛﺮﺗﻪ...ﻭﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ, ﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻌﻄﻠﺔ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺮ ﻋﻤﻠﻪ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﺼﺎﺩﻑ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺻﺒﺢ ﻳﺮﺳﻢ ﺻﻮﺭﺍ ﻭ ﺃﺣﺪﺍﺛﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ...ﺗﺎﺭﺓ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻟﺬﻫﺐ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭ ﻭﺑﺨﻬﻢ...ﺗﺨﻴﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﻴﻦ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﻓﻴﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ...ﺗﺨﻴﻞ ﻭﺍﻟﺪﺓ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﻣﻬﺮﻭﻟﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻛﻴﺔ ﻓﺘﺤﺘﻀﻦ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﻭ ﺗﺸﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻴﻌﻪ...ﺛﻢ ﺗﺨﺒﺮﻩ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓﻘﺪﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺛﻼ‌ﺛﺔ...ﻭ ﺗﺨﻴﻞ ﻓﺘﺎﺓ ﻓﻲ ﺭﻳﻌﺎﻥ ﺍﻟﺼﺒﺎ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﻓﺘﻘﺒﻞ ﺭﺃﺳﻪ ﻭ ﺩﻣﻮﻋﻬﺎ ﻗﺪ ﺳﺎﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻳﻬﺎ...ﺗﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻫﻲ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﻓﺘﻌﺠﺐ ﺑﺸﻬﺎﻣﺔ ﺧﺎﻟﺪ ﺛﻢ ﺗﺤﺒﻪ ﻭ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ...ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺃﻛﺜﺮ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﺳﺘﺤﻮﺫﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻜﻴﺮﻩ ﻭ ﺭﺳﻤﺖ ﻗﺮﺍﺭﺍ ﻳﺘﺨﺬﻩ ﻻ‌ﺣﻘﺎﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻳﻐﺪﻗﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺠﻮﻫﺮﺍﺕ ﺷﻜﺮﺍ ﻭﻋﺮﻓﺎﻧﺎ ...ﻟﻜﻦ ﻳﻌﻮﺩ ﺧﺎﻟﺪ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻌﻪ... ﻓﻴﺤﺘﺴﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﻮﺟﻬﻪ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻻ‌ ﺭﻳﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ‌ ﺷﺒﻬﻪ...ﻇﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﻌﻄﻠﺔ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻋﻴﺔ ﻭﺣﺎﻥ ﻭﻗﺖ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻠﻪ...ﺃﻧﻄﻠﻖ ﺧﺎﻟﺪﺍ ﻣﻦ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻴﺎﻟﻪ...ﺣﻴﻦ ﺃﻗﺘﺮﺏ ﺧﺎﻟﺪﺍ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ... ﺷﻌﺮ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣﻠﺤﻪ ﻟﻠﺘﻮﻗﻒ... ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻭﻳﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ...ﻓﻜﺮ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻟﻴﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﺇﻻ‌ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺼﻤﻮﺩ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﺳﺘﺮﺍﺣﺔﺻﻮﺭﺓ ﻭﻟﺤﺪﺓ ﻓﻲ ﺧﻴﻠﻪ ﺗﺤﻜﻢ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ...ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺷﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ..., ﻓﺘﺎﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺮﺟﻮﻟﺘﻪ ﻭ ﺷﻬﺎﻣﺘﻪ ﺩﻭﻧﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻓﺘﺤﺒﻪ ﻭ ﻳﺤﺒﻬﺎ ﻟﻴﺼﻮﺭﺍ ﺃﺟﻤﻞ ﻗﺼﺔ ﺣﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ...ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻗﺮﺭ ﺧﺎﻟﺪ... ﺳﻴﺘﻮﻗﻒ ... ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﻪ... ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺮ ﺩﻗﻴﻘﻪ ﻭﺍﺣﺪﻩ , ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﻰ.... . ! ! ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﻧﻔﺴﻪ...ﺗﻮﻗﻒ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻬﺮﺕ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻭﺟﻪ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺃﺿﺎﺀ ﺍﻷ‌ﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺠﺪﻫﺎ ﺃﺭﺿﺎ ﻣﻨﺒﺴﻄﺔ ﺟﺮﺩﺍﺀ ﻣﻤﺘﺪﺓ ﺑﻤﺪ ﺍﻟﺒﺼﺮ....ﺃﺭﺽ ﺧﺎﻟﻴﺔ...ﻻ‌ ﺷﺠﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ‌ ﺑﻴﻮﺕ ﺷﻌﺮ...ﺃﺩﺍﺭ ﻣﻘﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﺃﺗﺠﻪ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻯ...ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻭﻏﺎﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ...ﺗﻮﻗﻊ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻ‌ﺗﺠﺎﻩ...ﻧﺰﻝ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ... ﺃﻟﻘﻰ ﻧﻈﺮﺓ ﻓﺎﺣﺼﻪ ﺷﺎﻣﻠﻪ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺼﺮﻩ ﺑﻼ‌ ﺷﻲﺀ...ﺍﺭﺽ ﺧﺎﻟﻴﻪ...ﺟﻠﺲ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﻗﻀﻰ ﺣﺎﺟﺘﻪ... ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻭﻗﻔﻞ ﺭﺍﺟﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ...ﺭﺃﻯ ﺷﺨﺼﺎ ﻭﺍﻗﻔﺎ ﺟﻮﺍﺭ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ... ﺗﻘﺪﻡ ﻗﻠﻴﻼ‌ ﻟﻴﺠﺪﻩ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻔﺘﻰ...ﺗﻠﻔﺖ ﺧﺎﻟﺪ ﻳﻤﻨﻪ ﻭﻳﺴﺮﻯ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﻬﻪ ﻛﻼ‌ﻣﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻗﺎﺋﻼ‌: ﺃﻧﺖ؟ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺃﺗﻴﺖ؟!!!ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ...ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺛﻮﺑﺎ ﻃﻮﻳﻼ‌ ﺟﺪﺍ...ﻫﻤﻬﻢ ﺑﻜﻠﻤﺎﺕ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﺨﺎﻟﺪ ﺑﺼﻮﺕ ﺃﻗﺮﺏ ﻷ‌ﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ: ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻔﻌﻞ ﻫﻨﺎ؟!!ﻛﺎﻥ ﺻﻮﺗﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﻪ ﺑﻜﺜﻴﺮ...ﺃﺟﺎﺏ ﺧﺎﻟﺪ: ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﻗﻀﻲ ﺣﺎﺟﺘﻲ ﻭﺃﺭﻯ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻗﺮﻳﺘﻜﻢ...ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ: ﺇﺫﻥ ﻓﻠﻨﺬﻫﺐ ﻓﻮﺍﻟﺪﻱ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﻜﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻴﻌﻚ..ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺟﻮﺍﺏ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻞ ﻓﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﻖ ﻭﺭﻛﺐ... ﻗﻀﻰ ﻭﻗﺘﺎ ﻭﻫﻮ ﻳﺠﻤﻊ ﺛﻮﺑﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﻣﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻌﺪ ﺍﻵ‌ﺧﺮ... ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﻟﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﺮﻛﺐ...ﺭﻛﺐ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻔﺘﻰ: ﻓﻲ ﺃﻱ ﺍﺗﺠﺎﻩ؟... ﺃﺷﺎﺭ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻗﺎﺋﻼ‌ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ!!! ﺷﻌﺮ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺄﻥ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻗﻮﻳﺔ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ... ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻭﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ﻣﻦ ﺛﻮﺑﻪ ﺃﻣﺎﻣﻪ... ﻟﻴﺘﺒﻴﻦ ﻟﺨﺎﻟﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺏ ﻃﻮﻳﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻮﻗﻌﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ... 
ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ: ﻫﻞ ﺃﺗﻴﺖ ﻟﺘﺮﺍﻫﺎ؟!!ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺣﺘﻰ ﻻ‌ﺣﻆ ﺃﻣﺮﺍ ﻏﺮﻳﺒﺎ... ﺳﺮﺕ ﻗﺸﻌﺮﻳﺮﺓ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻩ... ﻧﻈﺮ ﺧﺎﻟﺪ ﺇﻟﻰ ﻋﻴﻨﻲ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻟﻴﺠﺪﻫﻤﺎ ﺑﻠﻤﻌﺎﻥ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﻘﻄﻂ... ﻻ‌ﺣﻆ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺗﺮﻛﻴﺰ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻓﺄﻏﻠﻘﻬﻤﺎ ﻟﺒﺮﻫﺔ ﻗﺒﻞ ﻳﻔﺘﺤﻬﻤﺎ ﻓﻴﺠﺪﻫﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻠﻮﻥ ﺃﺑﻴﺾ ﻣﺸﻊ ﻻ‌ ﺳﻮﺍﺩ ﺑﻬﻤﺎ ﺃﻗﻨﻊ ﺧﺎﻟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺘﻮﻫﻢ.... ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻋﻼ‌ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺠﺐ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﺄﻏﻤﺾ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ... ﻓﺘﺤﻬﻤﺎ ﻓﺮﺁﻫﻤﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﻛﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺸﻴﺢ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺑﺮﺃﺳﻪ ﻣﺸﻴﺮﺍ ﻟﺨﺎﻟﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﻚ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ...ﺷﻌﺮ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻧﺴﻴﻪ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮ...ﺑﺪﺃ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺨﻮﻑ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻨﻬﻪ...ﺧﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ... ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ...ﻟﻜﻨﻪ ﻭ ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ...ﺳﺎﺭ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﺴﻴﺎﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﻠﻮﺏ ﺍﻹ‌ﺭﺍﺩﺓ... ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻼ‌ﻡ ﺃﻳﻀﺎ...ﺩﺧﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻴﻦ ﺟﺒﻠﻴﻦ ﻋﻈﻴﻤﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﺎﻡ ﺟﺒﻞ ﺁﺧﺮ ﻳﻐﻠﻖ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ...ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ... ﻓﻘﺪ ﻭﺻﻼ‌ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ... ﺗﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻓﺘﺒﻌﻪ ﺧﺎﻟﺪ...ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻒ ﻓﺮﺃﻯ ﺃﻧﻪ ﺑﻴﻦ ﺟﺒﺎﻝ ﺃﺭﺑﻌﺔ...ﺳﺎﺭ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻭﺧﺎﻟﺪ ﺧﻠﻔﻪ ﻟﻴﻨﺰﻻ‌ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﺩﻱ...ﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﺰﻝ ﺧﺎﻟﺪ ﺣﺘﻰ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺃﻣﺎﻣﻪ...ﻗﺮﻳﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﺇﻻ‌ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷ‌ﺿﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ...ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻮﺍﻧﻴﺲ ﺍﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﻣﻮﺯﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ...ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻣﺘﺒﺎﻋﺪﺓ...ﻫﺪﻭﺀ ﻏﺮﻳﺐ ﻭ ﺳﻜﻮﻥ ﺭﺗﻴﺐ... ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻓﺄﺳﺮﻉ ﺧﺎﻟﺪ ﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﻪ...ﺍﻧﻌﻄﻒ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﺃﻭﻝ ﻣﻨﺰﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻓﻬﺮﻭﻝ ﺧﺎﻟﺪ ﻟﻴﺪﺭﻛﻪ...ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻧﻌﻄﻒ ﺧﺎﻟﺪ ﺣﺘﻰ ﺷﺪ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻪ ﻣﺸﻬﺪ ﻏﺮﻳﺐ...ﺭﺃﻯ ﺭﺟﻞ ﺿﺨﻢ ﺍﻟﺠﺜﺔ ﻳﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﺮﻓﺼﺎﺀ ﻭ ﻗﺪ ﺭﺑﻄﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺬﻉ ﺷﺠﺮﺓ ﺷﺎﻣﺨﺔ...ﻇﻨﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﻲ ﺑﺎﺩﺉ ﺍﻷ‌ﻣﺮ ﻣﺠﻨﻮﻧﺎ ﺇﻻ‌ ﺃﻥ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺑﻮﻃﺔ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﺃﺻﻐﺮ ﻟﻜﻦ ﻧﻬﺎﻳﺘﻬﺎ ﺭﺑﻄﺖ ﺣﻮﻝ ﺭﻗﺒﺔ ﺷﺎﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ......ﻳﺘﺒﻊ......ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﺳﻨﻌﺮﻑ ﻗﺼﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭ ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﻣﻊ ﺧﺎﻟﺪ...ﻭ ﺳﻨﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﺍﻷ‌ﺣﺪﺍﺙ ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﺁﻟﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺭ...

في ضيافة الجن - الجزء الأول

في ضيافة الجن!!!

البحث عن لقمة العيش من أحد ألأسباب التي أبعدت الناس عن مسقط رأسهم و خالد كذلك...
هو شاب في مقتبل العمر يعمل حديثا في مدينة تبعد ما يقارب 300 كلم عن مسقط رأسه...
في كل عطلة أسبوعية يعود إلى مسقط رأسه, يقضي أياما بين أهله و أحبابه ثم يعود ليذوب في زحمة العمل...

هذا الأسبوع سيخرج من عمله متأخرا قليلا و ذلك لإنجاز عمل إضافي..
كل دقيقة يقضيها بين أهله كانت تعني له الكثير لذلك كان متكدرا من هذا التأخير...
هبط الظلام و لم ينهي عمله بعد... فاته فترة العصر بكل ما فيها من نشاط و حيوية و ربما لن يصل إلا متأخرا يكون حينها الوقت قد ضاع ...

ما أن أنهى خالد عمله حتى أنطلق راكضا... وصل لسيارته و استقلها...
أطلق لها العنان في ذلك الطريق السريع عله يدرك بعضا ما فاته...
لم يمض كثيرا على غياب الشمس بيد إن رحلته ما زالت في بدايتها...
زاد إحساسه بالوحشة طول المسافة و غياب القمر و قلة السيارات...

وصل إلى نقطة يجب أن يهدئ فيها من سرعته قليلا, فهي منطقة لنقطة تفتيش عسكرية مهجورة و ضعت أمامها بعض "المطبات" الاصطناعية...
خف من سرعته حتى إذا جاوز نقطة التفتيش بدأ يزيد من سرعته تدريجيا...

أمامه و على الطريق لمح شيئا يتحرك... ربما كان كلبا...
أضاء خالد الأنوار العالية لسيارته ليتبين أن ما يتحرك ليس كلبا و لكن إنسان...
شخص يقطع الطريق من الجهة الأخرى...

نظر إلى الخلف من خلال مرآته ليعطي نفسه الوقت الكافي ليتوقف إن استدعى الأمر لذلك... كان
كان هناك شاحنه كبيره خلفه لكنها على مسافة بعيده نوعا ما ... في الجهة ألمقابله كانت سيارة أخرى...
أضاءت السيارة المقابلة من أنوارها ما يعنى أن صاحبها أيضا قد لاحظ ذالك الشخص الذي يعبر الطريق بطء ...
الغريب في الأمر أن الشخص قصير جدا...
لا ... لم يكن شخصا عادى...بل كان طفلا ...
بدء يهدئ خالد من سرعته... أما الطفل فمازال في طريق السيارة القادمة ويتحرك بطء ...
عبر الطفل الطريق المقابل و أصبح في طريق خالد مباشرا ...

نظر خالد من خلال مرآته إلى الخلف ليجد أن الشاحنة قد اقتربت منه كثيرا...
أمام خالد عدة خيارات ... يستطيع أن ينحرف بسيارته ويخرج خارج الطريق إلى المنطقة الترابية حتى يتجاوز الطفل وأيضا يستطيع أن ينحرف قليلا باتجاه السيارات القادمة ويتجاوز الطفل بسلام ...
المشكلة أن الشاحنة خلف سيارة خالد قد تدهس الطفل فسائقها لا يعلم بما يحدث...

بسرعة قر خالد!!!

لحظة!!!!!

لم يكن طفلا!!! بل كانت طفلة!!!
فتاة صغيرة... اقترب منها خالد بسيارته فلم تعرها أي اهتمام...
أستمر خالد في التخفيف من سرعته حتى إذا وازى الفتاة فتح باب سيارته و حملها من ذراعها بسرعة و هو يخرج إلى المنطقة الترابية خارج الطريق و باب السيارة ما زال مفتوحا...
مرت الشاحنة و سائقها يطلق أبواقها بشدة موجها لخالد سيلا من الشتائم...
في نفس الوقت عبرت السيارة المقابلة و أبواقها تنطلق بقوة...
تنفس خالد الصعداء بعد أن أنقذ الطفلة و أصبح هو أيضا في مأمن من حادث وشيك كاد أن يودي بحياتهما معا...

وضع خالد الفتاة في حضنه و هو في دهشة من أمرها...
لاحظ خالد أنها خفيفة بخفة ريشة...
ينظر إليها بإعجاب و دهشة...
فتاة صغيرة في الثانية و النصف أو الثالثة من عمرها... كالقمر...
ترتدي جلبابا أبيض مائل إلى الحمرة...
شعرها كستنائي الون متد على ظهرها بشكل جديلة...
شعر خالد بجمالها و ولوجها إلى الروح دون عناء...

حاول أن ينظر إلى عينها لكنها كانت تشيح بوجهها عنه...
لم تنظر الفتاة إليه و لم تبكي أيضا...
عيناها مفتوحتان تنظر إلى البعيد بهدوء عجيب...
لم يكن خالد ينظر إليها فقط بل كان يشعر بها.. غير الطفولة لا شئ في ملامحها...
لا خوف.. لا رعب.. لا ابتسامة.. و لا حتى تعجب...
ملامح جامدة لكن جميلة...
لم يستطع خالد تحديد الغريب فيها... ما يعرفه أنها أجمل طفلة رآها يوما في حياته... براءة...



أين أهلها؟!! و كيف وصلت إلى هنا؟!! هل تراهم من البدو الذين يعشون في هذه المنطقة؟!! و هل يتركون أطفالهم هائمين حول الخطر بهذه الطريقة؟!!
تلفت خالد يمنة و يسرى لكنه لم يرى أحدا في إثر الفتاة...
قبلها خالد دون شعور منه فأغلقت عينيها...
رائحتها عبقة, ليست رائحة عطر أو طيب, بل رائحة العشب الأخضر الندي...
قبلها بعمق فاستكانت... قبلها ثانية و ثالثة فغطت وجهها بكفيها.. أسره جمالها و بهرته طفولتها...

هم خالد بسؤالها كيف وصلت إلى هذا المكان غير أنه شعر بحركة غريبة...
شيء ما لفت انتباهه...
نظر إلى النافذة البعيدة عنه ليرى شخصا واقفا و قد الصق وجهه بزجاج النافذة...
كان ينظر إلى خالد باستهجان و هو يقبل الطفلة...

تحرك الشخص إلى الخلف قليلا و هو ينظر إلى خالد بتوجس و كانت عيناه تحركان بشكل غريب جدا...
تحركت الطفلة و نظرت باتجاه الشخص...
سمعها خالد و كأنها تهمس بكلمات...
جمد الشخص في مكانه حرك شفتيه بكلمات لم يسمعها خالد..
ابتعد قليلا عن النافذة ثم تحرك باتجاه مقدمة السيارة...
دار نصف دورة حول السيارة ليلتف و يقترب من نافذة خالد...
كان خالد يتابعه بنظراته حتى وصل أمام الباب ليتبين لخالد أنه فتا في حدود الثانية عشرة من عمره...

التفت الطفلة إلى خالد... نظرت إلى عينيه مطولا...
عيناها بلون موج البحر الهادئ... كأن زرقتهما تماوج...
نقلت بصرها إلى الفتى الغريب و الذي بدوره لم يتحدث مع خالد بل وجه كلامه إلى الطفلة قائلا: ما الذي أتى بك إلى هنا؟!!
طبعا لم تجب الطفلة و كل ما استطاع خالد قوله كان بصوت خافت جدا...
قال: انتبهوا عليها!!!

حملها الفتى دون أن يعلق على كلام خالد و غادر من نفس الجهة التي حضر منها

و قبل أن يغيبهما الظلام نظرت الطفلة إلى خالد ثم أبتسمت و أغلقت عينها و رمت برأسها على كتف الفتى...
سارا قليلا ثم غابا في الظلام...
كل هذا و خالد واقف يراقب...

سؤال يسأله خالد لنفسه: إذا كانوا يسكنون هذه الجهة فما الذي أوصل طفلة كهذه إلى الجهة الأخرى من الطريق السريع؟!!

كان خالد كالمشدوه لا يدري ما الذي يحدث... لكنه يعرف أن رؤيته لهذه الطفلة أشعرته براحة غريبة جدا...
وضع خالد رأسه على مقود السيارة... أغمض عينيه... تنفس بعمق...
ما زال يجد رائحة الطفلة... رائحة جميلة بحق...

فجأة, شعر بطرقات على جوانب سيارته... سيل من الحجارة تقذف باتجاهه...
فتح عينيه... نظر حوله ليجد السكون... و السكون فقط...
(خالد من الذين لا يخشون الظلام و لا ترهبهم أخبار الجن...)
رد بينه و بين نفسه بحنق:" أطفال البدو!!!
لماذا هذا الإزعاج... سأغادر قبل أن يحطموا السيارة "
أدار مقود سيارته و انطلق متابعا رحلته......


يتبع فما زال للقصة أحداث!!!
وانتظروا  الجزء الثاني 😉