كُرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية حول العالم وفي حقيقة الأمر هي في الوقت ذاته الرياضة التي يصعب أن تبحث بين ممارسيها عن شخصٍ يستطيع أن يفرض حبه واحترامه على منافسيه قبل النادي الذي يلعب له.
فعلى سبيل المثال سطرَّ البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الأسباني اسمه بأحرف من ذهب في سجلات النادي الأبيض وفي قلوب مشجعيه ولكن في حقيقة الأمر لرونالدو الكثير من الأعداء من الأندية المنافسة لريال مدريد مع تعدد الأسباب والحال ذاته ينطبق على النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي معشوق جمهور برشلونة الإسباني إلا أنَّه ميسي يملك الكثير من الأعداء سواءً في الوسط الإسباني أو خارج إسبانيا نظير مواقف متعددة الأسباب .
لكن أن تجد لاعباً كسب احترام المنافس قبل النادي الذي يلعب له ، وكسب احترام جمهور الخصم قبل احترام جمهور ناديه فهنا الحديث سيكون عن فئة قليلة جداً بل ونادرة من اللاعبين يأتي على رأسهم دون أدنى شك النجم الأرجنتيني الخلوق خافيير زانيتي لاعب نادي إنتر ميلان الإيطالي.
وكان زانيتي قد أعلن مؤخراً اعتزاله كرة القدم نهائياً مع نهاية الموسم الحالي حيث صرَّح بالقول :" اعتقد أنَّ الوقت حان لأترك ملاعب كرة القدم ، لقد أعطيت كل ما لديَّ لكرة القدم وأعطتني الكثير الكثير من الخبرة واللحظات الجميلة ولكن في حقيقة الأمر لم يعد بإمكاني الإستمرار ، إنَّها لحظة النهاية لمسيرة استمتعت بكل لحظةٍ من لحظاتها ".
وكان زانيتي قد تنقل في مسيرته الكروية مع ثلاث أندية بدأها في تاليريس الأرجنتيني حيث لعب هناك في الموسم 1992 1993 قبل أن ينتقل في الموسم التالي إلى نادي بانفيلد الأرجنتيني ليقضي هناك 3 مواسم ويبدأ بعدها مسيرته الأكبر مع نادي إنتر ميلان حيث انتقل إلى صفوفه في مطلع موسم 1995 1996 ليستمر كلاعب في صفوف الفريق حتى الآن.
وقدّم زانيتي طيلة مسيرته الكروية مثالاً كبيراً للاعب الخلوق الذي يُحتذى به فوق أرضية الملعب وخارجه سواءً من ناحية الإلتزام والإنضباط أو من ناحية تقديم كل ما يملك في سبيل خدمة النادي الذي يمثله ولعلَّ 22 سنة من الإحتراف من زانيتي قابلتها الكثير من التصريحات التي تُحفظ عبر وريقات التاريخ حول قيمة هذا الأرجنتيني الدولي يأتي على رأسها ذلك التصريح الذي أطلقه النجم الويلزي المعتزل مؤخراً ريان جيجز والذي يقول عن زانيتي :" واجهت زانيتي لأول مرة في دوري الأبطال عام 1999 ، كان حينها ظهير إنتر ميلان الأيمن وكنت جناح مانشستر يونايتد الأيسر ، في حقيقة الأمر تعجبت كثيراً من مدى القدرات التي يمتلكها ، لقد أظهر في تلك المباراة كم يمتلك من القوة والسرعة والإنضباط والذكاء والخبرة في التعامل مع الكرة".
ويُكمل جيجز في حديثه حول زاينيتي ويقول :" واجهته لمرتين بعد تلك المواجهة وأثبت لي زانيتي أنَّه أصعب خصم واجهته في مسيرتي الكروية كاملةً ، إنَّه الظهير المتكامل ".
وكانت مسيرة زانيتي في إنتر ميلان في واقع الأمر هي التي ألقت بالأضواء على هذا النجم الأرجنتيني الذي خاض مع إنتر ميلان 856 مباراة طيلة 20 سنة قضاها في صفوف النيرازوري حصد خلالها 15 لقباً مدوناً اسمه بأحرف عريضة مُرصعة بالذهب في تاريخ النادي الإيطالي .
ولن تنسى وريقات مسيرة زانيتي الكروية ذلك التصريح التاريخي الذي أطلقه أسطورة الكرة الإيطالية روبيرتو باجيو متحدثاً عن زانيتي بقوله :" زانيتي هو اللاعب الخاص في عالم كرة القدم ، لم أرَ منه تصرفاً سيئاً أو حديثاً سيئاً عن شخصٍ ما طيلة مسيرته الكروية ، في الوقت الحاضر ليس هُناك لاعب بقيمة زانيتي".
ويتابع باجيو تصريحه الشهير حول زانيتي بالقول :" يوماً ما جاء زانيتي وقال لي أتمنى ان أكون يوماً ما مثلك ، أنا اليوم سأرد على كلامه وأقول له أنا يا زاينيتي من يتمنى أن يكون مثلك ".
زانيتي كان مثالاً حقيقياً للاعب المحترف وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ كرة القدم الإيطالية والأرجنتينية ونادي إنتر ميلان على وجه الخصوص سيفتقدون لللاعب الذي قال عنه مدرب يوفينتوس كونتي يوماً ما :" زانيتي هو اللاعب الذي صنع التاريخ ، حين أفكر بلاعب فرض نفسه في الملعب وخارجه كإنسان ولاعب فإنَّ زانيتي وحده من يخطر في ذهني ".