الاثنين، 13 أكتوبر 2014

رواية مونفليت - الفصل السابع

الفصل السابع 

سقوط الدبوس

فى بداية الربيع وصل الى (( مون فليت )) رجل جاء من (( دورشستر)) وعلق على باب حانة (( هواى نوت )) ورقة كبيرة كتب عليها بحروف واضحة ان موظفا كبيرا تابعا للملك سيزور (( مون فليت)) بعد سبعة ايام .



وكان هذا الموظف الكبير على درجة عالية من الاهمية .. وهو يحضر الى قرية (( مون فليت)) مرة واحدة كل خمس سنوات ليقوم بالتفتيش على املاك الملك . ولم يكن الملك يملك شيئا فى مون فليت سوى حانة (( هواى نوت)) اما بقية الاراضى الواقعة فى زمام القرية فقد كانت مملوكة لعائلة (( الموهون)) ..
ومع ذلك فقد كان هذا الموظف الكبير يحضر الى القرية ليعمل مزادا على تأجير الحانة لمدة خمس سنوات تالية .

وفى اليوم الموعود رأيت الموظف الكبير راكبا حصانه ويسير فى الشارع الرئيسى للقرية .. فأسرعت بابلاغ (( الزفير)) الذى طلب منى ان اذهب الى بين خالتى لاطلب منها ان تعطينى شمعة .. وكانت قد مرت فترة طويلة منذ ان طردتى خالتى من بيتها .. ومنذ ذلك الحين لم اذهب الى بيت خالتى ابدا .. ومع ذلك فقد اعطتنى خالتى الشمعة التى طلبتها وهى تقول انها تامل ان تبعث هذه الشمعة بعض الضوء فى قلبى المظلم .. !

وعندما عدت الى الحانة ، رأيت حصان الموظف الكبير مربوطا خارج بابها .. وقد تجمع بعض الناس من اهالى القرية .. وفى الداخل رأيت الموظف الكبير جالسا الى المنتضدة .. الرئيسية وامامهوجبة جيدة من الطعام اعددها له (( الزفير)) وقدمها الية ..

واعطيت (( الزفير)) الشمعة التى كلبها منى فوضعها فى منتصف المنتضدة .. وهنا قام الموظف الكبير برشق الدبوس على بعد بوصة من اعلى الشمعة !

وكانت طريقة المزاد تتيح لاى شخص ان يدخل المزاد ويعرض مبلغا اكبر من المبلغ الذى يعرضة المزايد الاخير .. ويظل المزاد قائما طالما ان الدبوس المرشوق فى جسم الشمعة موجودا فى مكانه .. وتظل الشمعة مشتعلة الى ان تسيح المنطقة المرشوق فيها الدبوس ويسقط الدبوس من جسم الشمعة ، وعندئذ يرسو المزاد على اخر شخص تقدم بسعر منافس .

وما ان انتهى الموظف الكبير من تناول طعامه حتى بدأ بالعمل واشعل الشمعة .. وعرض (( الزفير)) مبلغ اثنى عشر جنيها كايجار ثنوى لحانة (( هواى نووت)) .. وهو نفس المبلغ الذى كان يدفعه فى ايجاراته السابقة .. وجلس الجميع حول المنطدة يتحدثون فى مختلف الاحاديث بينما ظلت الشمعة مشتعلة ، ونارها تقترب من المنطقة التى رشق فيها الدبوس ..


وفجأة فتح باب الحانة ودخل (( ماسيكو)) واتجه نحو المنتضدة التى يتحلق لجميع حولها .

وهنا وقف (( الزفير)) وحاول ان يمنعه وقال بصوت مرتفع :

_ انت لست صديقا لى يا (( مستر ماسيكو)) .. وسأكون سعيدا لو اريتنى ظهرك بدلا من ترينى وجهك .. وانى امنعك من الجلوس الى هذه المائدة !

كنت اعرف تماما ما يدور بذهن (( الزفير )) فى تلك اللحظة ، فقد كانت هذه المائدة بالذات التى مددو عليها جثة ابنه (( دافيد)) بعد مقتله .. وعلى اية حال فان (( ماسيكو)) لم يهتم بتهديدات (( الزفير)) وتقدم الى الموظف الكبير وسأله: 


_ والان ايها الموظف الكبير .. انى ارى نار الشمعة قد اوشكت من الاقتراب من المنطقة التى رشق فيها الدبوس .. وانى اريد ان انتهى من عملى هنا بسرعة لان على ان اذهب الى (( بريد بورت)) لاداء بعض الاعمال الاخرى .. ماهو اخر مبلغ تقدم به اى شخص فى هذا المزاد ..؟ !
وشرح الموظف الكبير ما تم حتى الان من شئون المزاد .. وقال ان (( الزفير)) عرض اثنى عشرة جنيها كايجار ثوى للحانة .. واذا سقط الدبوس قبل ان يتقدم شخص بعرض مبلغ اعلى ، فى هذه الحالة سيرسو على (( الزفير)) باعتباره صاحب العرص الاخير ..

وبعد ان انتهى الموظف الكبير من هذا الشرح ، طلب من (( الزفير)) ان يأمر باعداد حصانه للرحيل لانه سيغادر الحانة فور سقوط الدبوس ورسو المزاد عليه .. فأمر (( الزفير)) على الفور بتجهيز الحصان للرحيل .. وحملق الجميع فى لهيب الشمعة وهو يقترب من الدبوس . وهنا قال ((ماسيكو)) بصوت مرتفع :

_ انى اعرض 13 جنيها ايجارا سنويا لهذه الحانة ..!

لم يلتفت ((الزفير)) اليه .. ولكنه قال بصوت جمهورى:

_ وانا اعرض 20 جنيها .

فقال (( ماسيكو)):

_ وانا اعرض 21 جنيها.

_ وهكذا استمرت المزايدة بين الرجلين الى ان قال (( ماسيكو)) :

_ 91 جنيها .. !

وهنا وقف الموظف الكبير مندهشا وصاح فيهما 

_ هل جننتما ؟!.. ماهذا الذى يحدث ؟!.. يا (( مستر الزفير)) احتفظ بنقودك ولا تغامر بها ..
واذا كان هذا الجنتل مان يرغب فى ادارة الحانة مهما كان الثمن الذى سيدفعه فدعها له .. وسوف اتيح لك الحصول على حانة (( الحصان الابيض)) فى بلدة (( بريد بورت)) .. وهى افضل بكثير من حانة (( هواى نوت)) وتدر ربحا اكبر ..

ولكن (( الزفير)) لم يلتفت الى ما قاله الموظف الكبير وقال فى ثبات:

_انى اعرض 100 جنيها !

فقال (( ماسيكو)) :

_ 130جنيها ..
واشتعلت المزايدة مرة اخرى الى ان قال (( الزفير)) : 

_190جنيها ..
فرد عليه ((ماسيكو)):

_200جنيها ..

وهان سقط الدبوس من جسم الشمعة ..!

وعندما وقف (( الزفير)) تصورت انه للحظة سوف ينقض كالوحش الكاسر على (( ماسيكو)) ويقتله..
ولكنه لم يفعل شيئا من ذلك وظل محتفظا بهدوئه ولم يقل كلمة واحدة .. وعندئذ قال له الموظف الكبير وهو يضع يده فوق ذراعى :

_ هاه يا مستر (( الزفير )) .. هل تريد ان تأخذ حانة الحصان الابيض فى بلدة ((بريد بورت)) ؟!..
ان هناك مدرسة جيدة يستطيع ابنك هذا ان يلتحق بها .
وهنا اجاب (( الزفير)) :

_ اشكر لك لطفك وكرمك .. ولكنى عندما اغادر هذا المكان فلن ادير حانة اخرى .. !

واستدار الموظف الكبير ، وشرع فى الخروج من الحانة .. وسمعته وهو يركب حصانه وينطلق به الى الشارع الرئيسى بالقرية ..

اما (( الزفير)) فقد ظل جالسا الى المائدة واضعا راسه بين يده ..!
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق