الفصل الرابع
المخازن السرية للمهربين
لاحظت على الفور ان خالتي كانت غاضبة علي لاني اصبحت اتاخر كثيرا عن الموعد المناسب للعودة الى البيت .... وعندما احضرت طعام العشاء جلسنا نتناوله صامتين ولمتنطق خالتي بكلمة واحدة .. طبعا لم اخبرها شيئا عن اكتشافي المثير للمر السري ..وما ان انتهينا من تناول الطعام حتى هبت خالتي واقفة وقالت :
جون ... لقد لاحظت انك تتاخر كثيرا في العودة الى البيت مساء كل يوم .. هذا امر سئ بالنسبة الى صبي في مثل عمرك ....ولا يجب ان تبقى خارج البيت بعد غروب الشمس .. ان السرير وحجرة النوم هي افضل الاماكن للاولاد في مثل هذا الوقت ...والان دعني اقرا لك شيئا قبل ان تذهب الى النوم ..!
وجلست خالتي وبدات في القراءة من كتاب يتضمن الكثير من الحكايات عن المثل العليا والاولاد الصالحين الطيبين ذوي الاوصاف الحسنة التي تجعل من الصعب على الانسان ان يصدق ان مثل هؤلاء الاولاد كانو موجودين في الحقيقة .. ولا اخفي ان ذهني كان منصرفا تماما عما تقراه خالتي .. لقد كنت مشغولا باحلامي عن الجواهر .. وعن صاحب اللحية السوداء.. وعن الممر السري ..وعن الشمعة التي يجب ان اخملها معي عند ذهابي لاكتشاف هذا الممر مرة اخرى ..
وبعد ان انتهت خالتي من القراءة.. وقفت وقبلت راسها وتوجهت فورا الى غرفة نومي .. وما كنت اعلم في تلك اللحظة اني اقبل خالتي الى اخر مرة ..واني لن اعود الى النوم في تلك الحجرة مرة اخرى ..
جون ... لقد لاحظت انك تتاخر كثيرا في العودة الى البيت مساء كل يوم .. هذا امر سئ بالنسبة الى صبي في مثل عمرك ....ولا يجب ان تبقى خارج البيت بعد غروب الشمس .. ان السرير وحجرة النوم هي افضل الاماكن للاولاد في مثل هذا الوقت ...والان دعني اقرا لك شيئا قبل ان تذهب الى النوم ..!
وجلست خالتي وبدات في القراءة من كتاب يتضمن الكثير من الحكايات عن المثل العليا والاولاد الصالحين الطيبين ذوي الاوصاف الحسنة التي تجعل من الصعب على الانسان ان يصدق ان مثل هؤلاء الاولاد كانو موجودين في الحقيقة .. ولا اخفي ان ذهني كان منصرفا تماما عما تقراه خالتي .. لقد كنت مشغولا باحلامي عن الجواهر .. وعن صاحب اللحية السوداء.. وعن الممر السري ..وعن الشمعة التي يجب ان اخملها معي عند ذهابي لاكتشاف هذا الممر مرة اخرى ..
وبعد ان انتهت خالتي من القراءة.. وقفت وقبلت راسها وتوجهت فورا الى غرفة نومي .. وما كنت اعلم في تلك اللحظة اني اقبل خالتي الى اخر مرة ..واني لن اعود الى النوم في تلك الحجرة مرة اخرى ..
***
كان ضوء القمر ينير حجرتي .. ولم اخلع ملابسي حين تمددت على السرير منتظرا مرور الوقت حتى اتاكد من ان خالتي استغرقت في النوم .
وانتظرت طويلا ..
وعندما تيقنت من ان خالتي قد نامت .. قمت بهدوء وخلعت حذائي وحملته في يدي حتى لا احدث صوتا بوقع خطواتي على الارض .. وتوجهت الى غرفة الخزين وحصلت على شمعة كبيرة جيدة وتسسلت بكل هدوء الى خاج البيت.
وتعمدت ان امشي في مناطق الظلال والاماكن المظلمة على جانبي الشارع حتى لا يراني احد .. ولكن قرية ((مون فليت )) باكملها كانت مستغرقة في النوم ولا يوجد اي اثر للضوء ينبعث من مساكنها وبيوتها عدا ذلك الضوء الخافت الذي يخرج من حانة هواي نوت واقتربت من نافذة الحانة وخاولت ان ارى ما يدور بداخلها ولكنني لم استطع ان ارى شيئا .. بل سمعت عدة اصوات تتحدث مع بعضها .. ترى من هم اصحاب هذه الاصوات وفيم يتحدثون في هذا الوقت المتاخر من الليل ..؟!
وواصلت السير .. حتى وصلت اخيرا الى منطقة المقابر .. وعندئذن بدات اشعر بالخوف .. ولا ن هذا الوقت من الليل هو افضل الاوقات لصاحب اللحية السوداء ليتجول فيه بحثا عن جوهرته .. وكنت اتوقع ان اراه امامي في اية لحظة .. ولكن شيئا من هذا لم يحدث ولم اقابل احدا وليس هناك صوت سوى وقع اقدامي على بعض الاعشاب التي تغطى ارض منطقة المقابر . ووصلت في النهاية الى موقع الفتحة التي ساتسلل منها الى الممر السري ..
في الحقيقة ترددت كثيرا .. واخذت اسائل نفسي : هل اغامر بالدخول ام اعود الى البيت .. وفجاة لاحظت في ضوء القمر ان هناك قاربا يرسو بالقرب من شاطئ البحر .. وكان من الغريب ان يصل احد القوارب الى ((مون فليت)) في مثل هذا الوقت المتاخر من الليل ولشدة دهشتي رايت اشارات بالنور تنبعث من القارب في اتجاه الشاطئ . وتاكدت عند اذن ان هذا القارب يتبع بعض المهربين الذين يريدون ان يبلغو زملاء لهم على الشاطئ بانهم وصلو وبانهم مستعدون ..
غير انني لم اهتم كثيرا بهذا الامر وعزمت على البدء في مهمتي التي حضرت من اجل تنفيذها وهي الدخول الى الممر واكتشاف خباياه حتى اعثر على الجوهرة .. واستغرقت في احلام الغنى والثراء مرة اخرى.
ولكنني مع ذلك لاحظت ان هناك آثار اقدام على التراب الناعم اكثر مما رايته في المرة السابقة .. ترى هل سبقني احد بالمجئ الى هنا وحصل على الجوهرة قبل ان اعثر عليها ..؟!
وعلى ضوء الشمعة واصلت السير داخل الممر .. وخيل لي انيي سرت نحو ميل او اكثر .. ولكني لم اتجاوز في حقيقة الامر اكثر من عشرين خطوة .. ورايت على احد جانبي الممر فتحة في الحائط على شكل باب مفتوح يؤدي الى حجرة داخلية .. وسائلت نفسي ماذا عساها انا تكون هذه الحجرة.. وتذكرت ان هذا القبر يضم مجموعة توابيت عائلة ((الموهون)) ولابد ان تكون هذه الحجرة هي حجرة الدفن التي تضم مجموعة التوابيت .. ودخلت .. !
كانت حجرة كبيرة اوسع من حجرة الفصل في مدرستنا ولكن سقفها منخفض لا يزيد ارتفاعه عن تسعة اقدام .. وكانت ارضها مغطاة بالرمال وعند احد جوانب الحجرة رايت بعض الدرجات .. وعلى جميع جوانب الحجرة تراصت توابيت عائلة ((الموهون)) مدفونة في الفتحات التي اعدت لها على الجدران .. وفي وسط الحجرة لم يكن هناك توابيت بل رايت مجموعة كبيرة من الصناديق والبراميل المختلفة الاشكال والاحجام .. انها البضائع المهربة ..!!
هذا هو اذن الاكتشاف الحقيقي ..فبدلا من العثور على جوهرة ((ذي اللحية السوداء)) .. اكتشفت ان قبر عائلة الموهون قد اصبح مخزنا سريا للبضائع المهربة !
الان فقط ادركت حقيقة الاصوات التي صدرت من تحت الارض والتي قيل انها اصوات الموهون وهم يتحركون .. لم تكن التوابيت فقط هي التي تتحرك بفعل مياه الامطار ولكن البراميل والصناديق تحركت ايضا واخذت تتخابط في بعضها ..
وادركت ايضا ان (( راتسي )) و (( آلزفر)) يعملان في التهريب .. وان راتسي كان قد حضر الى القبر يوم ان قابلته هناك وابعدني لكي يطمئن على ان فتحة الممر سليمة خوفا من ان يكشف احدا امرها ويعرف سر مخزن البضائع المهربة ..
وانتظرت طويلا ..
وعندما تيقنت من ان خالتي قد نامت .. قمت بهدوء وخلعت حذائي وحملته في يدي حتى لا احدث صوتا بوقع خطواتي على الارض .. وتوجهت الى غرفة الخزين وحصلت على شمعة كبيرة جيدة وتسسلت بكل هدوء الى خاج البيت.
وتعمدت ان امشي في مناطق الظلال والاماكن المظلمة على جانبي الشارع حتى لا يراني احد .. ولكن قرية ((مون فليت )) باكملها كانت مستغرقة في النوم ولا يوجد اي اثر للضوء ينبعث من مساكنها وبيوتها عدا ذلك الضوء الخافت الذي يخرج من حانة هواي نوت واقتربت من نافذة الحانة وخاولت ان ارى ما يدور بداخلها ولكنني لم استطع ان ارى شيئا .. بل سمعت عدة اصوات تتحدث مع بعضها .. ترى من هم اصحاب هذه الاصوات وفيم يتحدثون في هذا الوقت المتاخر من الليل ..؟!
وواصلت السير .. حتى وصلت اخيرا الى منطقة المقابر .. وعندئذن بدات اشعر بالخوف .. ولا ن هذا الوقت من الليل هو افضل الاوقات لصاحب اللحية السوداء ليتجول فيه بحثا عن جوهرته .. وكنت اتوقع ان اراه امامي في اية لحظة .. ولكن شيئا من هذا لم يحدث ولم اقابل احدا وليس هناك صوت سوى وقع اقدامي على بعض الاعشاب التي تغطى ارض منطقة المقابر . ووصلت في النهاية الى موقع الفتحة التي ساتسلل منها الى الممر السري ..
في الحقيقة ترددت كثيرا .. واخذت اسائل نفسي : هل اغامر بالدخول ام اعود الى البيت .. وفجاة لاحظت في ضوء القمر ان هناك قاربا يرسو بالقرب من شاطئ البحر .. وكان من الغريب ان يصل احد القوارب الى ((مون فليت)) في مثل هذا الوقت المتاخر من الليل ولشدة دهشتي رايت اشارات بالنور تنبعث من القارب في اتجاه الشاطئ . وتاكدت عند اذن ان هذا القارب يتبع بعض المهربين الذين يريدون ان يبلغو زملاء لهم على الشاطئ بانهم وصلو وبانهم مستعدون ..
غير انني لم اهتم كثيرا بهذا الامر وعزمت على البدء في مهمتي التي حضرت من اجل تنفيذها وهي الدخول الى الممر واكتشاف خباياه حتى اعثر على الجوهرة .. واستغرقت في احلام الغنى والثراء مرة اخرى.
ولكنني مع ذلك لاحظت ان هناك آثار اقدام على التراب الناعم اكثر مما رايته في المرة السابقة .. ترى هل سبقني احد بالمجئ الى هنا وحصل على الجوهرة قبل ان اعثر عليها ..؟!
وعلى ضوء الشمعة واصلت السير داخل الممر .. وخيل لي انيي سرت نحو ميل او اكثر .. ولكني لم اتجاوز في حقيقة الامر اكثر من عشرين خطوة .. ورايت على احد جانبي الممر فتحة في الحائط على شكل باب مفتوح يؤدي الى حجرة داخلية .. وسائلت نفسي ماذا عساها انا تكون هذه الحجرة.. وتذكرت ان هذا القبر يضم مجموعة توابيت عائلة ((الموهون)) ولابد ان تكون هذه الحجرة هي حجرة الدفن التي تضم مجموعة التوابيت .. ودخلت .. !
كانت حجرة كبيرة اوسع من حجرة الفصل في مدرستنا ولكن سقفها منخفض لا يزيد ارتفاعه عن تسعة اقدام .. وكانت ارضها مغطاة بالرمال وعند احد جوانب الحجرة رايت بعض الدرجات .. وعلى جميع جوانب الحجرة تراصت توابيت عائلة ((الموهون)) مدفونة في الفتحات التي اعدت لها على الجدران .. وفي وسط الحجرة لم يكن هناك توابيت بل رايت مجموعة كبيرة من الصناديق والبراميل المختلفة الاشكال والاحجام .. انها البضائع المهربة ..!!
هذا هو اذن الاكتشاف الحقيقي ..فبدلا من العثور على جوهرة ((ذي اللحية السوداء)) .. اكتشفت ان قبر عائلة الموهون قد اصبح مخزنا سريا للبضائع المهربة !
الان فقط ادركت حقيقة الاصوات التي صدرت من تحت الارض والتي قيل انها اصوات الموهون وهم يتحركون .. لم تكن التوابيت فقط هي التي تتحرك بفعل مياه الامطار ولكن البراميل والصناديق تحركت ايضا واخذت تتخابط في بعضها ..
وادركت ايضا ان (( راتسي )) و (( آلزفر)) يعملان في التهريب .. وان راتسي كان قد حضر الى القبر يوم ان قابلته هناك وابعدني لكي يطمئن على ان فتحة الممر سليمة خوفا من ان يكشف احدا امرها ويعرف سر مخزن البضائع المهربة ..
***
ومع ذلك فقد عاودت التفكير مرة اخرى في موضوع الجوهرة الثمينة وكيفية العثور عليها .. وبدات افكر في توابيت عائلة (( الموهون )) المرصوصة في جدران الحجرة .. ففي اي تابوت يا ترى اخفيت الجوهرة الثمينة ؟! .. ان جميع هذه التوابيت متشابهة الى حد كبير ولا يوجد عليها اسماء اصحابها .. وبدات اشعر بالياس وباني لن اعثر على شئ في هذا المكان .. وفجاة سمعت جرس الكنيسة يدق اثنتي عشر دقة معلنا انتصاف الليل ..
كانت ((مون فليت )) تفخر دائما بجرس كنيستها لان رنينه كان قويا وجميلا .. ولكن صوت الجرس وصلني وانا في ذلك المكان تحت الارض بطريقة مختلفة لم اسمعها من قبل فقد اصبحت لا اعرف متى بدا رنين الدقة ومتى انتهى .. الى ان توقف الفرنين تماما وعاد الصمت الصمت يطبق على المكان كله ..
ولكن صوتا اخر بدأ يتسلل الى سمعى .. لم اتبين فى البداية حقيقة ذلك الصوت ، ولكنى ادركت انه صوت اناسش قادمين نحو المكان ، وسمعت ايضا حديثا يدور بينهم ولكنى لم اتبين كلماته ..
ولن استطيع أن اصف الرعب الذى احسسته وأنا اسمع هذه الاصوات وهى تقترب منى رويدا رويدا .. لقد تجمدت من شدة الخوف واصبحت نصف ميت .. ومرت دقيقة واحدة بدت لى كأنها ساعة كاملة حتى ادركت انى وقعت مثل الثعلب فى المصيدة ..وان المهربين سيقبضون على لامحالة ، وسوف يلزموننى الصمت بطريقتهم .. وتذكرت فى هذه اللحظة حكاية ((كراكىجونس)) الذى وجد ميتا فى منطقة المقابر وقيل انه تقابل مع ذى اللحية السوداء فى تلك الليلة فقتله ..
وازداد رعبى وخوفى اضعافا مضاعفة حين سمعت صوت دخول احد الرجال من تلك الفتحة التى دخلت منها ، وان هذا الرجل قد بدأ يتحدث مع اخرين يقفون خارج الفتحة .. وكان لابد ان اختفى فورا فى اى مكان بتلك الحجرة .. ولاحظت وجود تابوت خشبى ضخم مدفونا فى حفرة عميقة فى جدار الحجرة ، وبسبب ديق المكان ، اضطررت ان امدد جسمى راقدا على جانبى ..
وفى تلك اللحظات بدأ سير الرجال فى الممر ، واخذو يقتربو نحو الحجرة .. وبدأ ضوء الشموع التى يحملونها يتسلل الى الداخل. وسمعت صــوت ((راتـسى )) وهو يقول:
_سوف اقوم بسد الفتحة باحكام .. حتى لايعلم احد بمكان وجودها !
فردعليه صوت اخر :
_كن حذرا .. ولا تدع احدا يراك اثناء قيامك بسد الفتحة !
ولاحظت ان عدد الرجال قد ازداد .. وسمعت احدهم يقول :
_ لقد كنت فى ((دور شستر )) منذ ثلاثة ايام وهم يقولون هناك ان المهربين الثلاثة الذين تم القبض عليهم سوف يعدمون شنقا.. وعلمت ايضا ان (( ماسيكو )) كان هناك .. وانه يصر على اعدام المهربين..!
فقال رجل اخر :
_ اه ((ماسيكو)) ! اتمنى ان اراه لكى اقتله !
وقال رجل ثالث :
_ليتنى ارى ((ماسيكو)) هذا فى ليلة مظلمة .. سوف انتقم منه وارديه قتيلا !
واخيرا سمعت صوت (( الزفير )) وهو يقول :
_ لا .. دعوا أمر (( ماسيكو)) لى وحدى .. انا الذى ستأتعامل معه وانتقم .. هل نسيتم انه قتل ابنى (( دافيد)) ؟!
فى تلك اللحظات اصبح الجو خانقا بداخل تلك الحجرة بسبب نقاش الرجال ورائحة الشموع والمصابيح المضيئة .. ورائحة الصناديق والبراميل وما بداخلها من البضائع المهربة .. لذلك بدأت اشعر بالمرض .. وأحسست بألم شديد فى جانبى من طول الرقاد عليه فى مخبئى الضيق .. وفجأة سمعت اسمى يتردد على لسان ((بارميتر)) وهو بحار يسكن فى الطرف الشمالى من القرية .. قال (( بارميتر)):
_ هذا الصبى (( جون ترنشارد )) .. لقد دأب على التجول كثيرا فى منطقة المقابر .. انه يجلس فوق هذا القبر وينظر دائما نحو البحر .. لقد رأيته على هذا النحو عدة مرات .. واخشى ان يكون هذا الصبى جاسوسا ..علينا يراقبنا ويخبر (( ماسيـــكو )) بتحركاتنا ..! وتدخل (( جريننج)) وهو فلاح من قرية (( رنجستاف)) المجاورة لقرية مون فليت .. واضاف قائلا :
_ نعم انت على حق .. فحين كنت مكلفا بمراقبة بيت (( ماسيكو)) لاحظت هذا الصبى ((جون)) يحوم كثيرا حول البيت ، وينظر كثيرا الى الداخل بنظرات زائغة غريبة ..!
وما قاله (( جريننج)) كان حقا .. فقد كنت اتجول عصر كل يوم من ايام الصيف فى الطريق الصاعد الى اعلى التل وهو طريق مجاور تماما لبيت ((ماسيكو)) .. ولكنى كنت افعل ذلك لسببين يختلفان تماما عما يقول هذان الرجلان ..
السبب الاول ان النزهة فى ذلك الطريق تسعدنى كثيرا .. والسبب الثانى هو انى كنت اتمنى ان ارى (( جريس))
ابنة ماسيكو اثناء قيامى بتلك النزهة .. ولذلك فكثيرا ماكنت اجلس على سورا خلف حديقة البيت لعلى امتع نظرى برؤية ((جريس)) وهى مرتدية ردائها الابيض النظيف وتبدو فى غاية الروعة .. واحيانا كنت اقترب من نافذة حجرتها والوح لها بيدى محييا .. بل وعندما علمت ان) ((جريس)) قد مرضت ، امتنعت عن الذهاب الى المدرسة ، ولازمت جلستى فوق السور كل يوم نظرا نحو غرفتها التى ترقد فيها مريضة ..
لذلك فمن الصحيح انى كنت اراقب بالفعل بيت ((ماسيكو)) .. ولكنى لم اخبر ماسيكو باى شئ ..
وهنا بدأ راتسى يتكلم فى صالحى :
_ لا..لا ان (( جون )) ولد طيب .. وقد اخبرنى انه يحب الذهاب الى منطقة المقابر حتى يتمكن من ان يرى البحر .. لانه يحب البحر حبا جما ويتمتع بمنظره .
ولشدة دهشتى تدخل ((الزفير)) قائلا:
_ ان (( جون ترنشارد)) ولد شجاع .. وكم اتمنى ان يكون ابننا لى .. انه مثل عمر ((دافيد)) .. وانا اتوقع ان يصبح بحارا ماهرا فى المستقبل
اسعدتنى هذه الكلمات البسيطة التى قالها (الزفير)) عنى .. وكان من الواضح انه قال هذه الكلمات بكل صدق .. وفى حقيقة الامر فقد كنت معجبا بشخصيته وكنت احبه .. وحزنت كثيرا عندما فقد ابنه .. واوشكت ان انهض من مخبأى واقول باعلى صوتى هانذا .. جون ترنشارد بنفسه!
ولكنى استبعدت هذه الفكرة الغبية من ذهنى وواصلت الاختباء راقدا على جانبى .. وبعد ان فرغ الرجال من وضع الصناديق والبراميل التى احضروها بداخل الحجرة ، جلسو على الارض ،وبدأ (( جريننج)) فى الغناء .. ولكن ((السفير اسكته على الفور وقال :
الزم الصمت ايها المجنون .. انك تصنع ضوضاء يمكنها ان توقظ أهل القرية !
واضاف ((راتسى )):
واذا استيقظ اهل القرية فسوف يعتقدون انهم يسمعون صوت (( ذى اللحية السوداء )) وهو ينادى على الموتى من عائلة ((الموهون )).. ويطلب منهم مساعدته فى البحث عن جوهرته المفقودة !
ومن حديث هؤلاء الرجال تبين لى بسهولة ان (( الزفير)) هو قائد هذه المجموعة وكبيرهم .. وبعد مرور فترة صمت قصيرة ، سمعت احد الرجال يقول :
_ هيا بنا نذهب .. فقد تأخر الوقت .. وعلينا ان نعود الان الى السفينة !
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق